
إيليا أبو ماضي
قصيدة كم تشتكي
كم تشتكي و تقول إنّك معدم***و الأرض ملكك و السماو الأنجم ؟
و لك الحقول وزهرها و أريجها***و نسيمها و البلبل المترنّم
و الماء حولك فضّة رقراقة***و الشمس فوقك عسجد يتضرّم
و النور يبني في السّفوح و في الذّرى***دورا مزخرفة و حينا يهدم
فكأنّه الفنّان يعرض عابثا***آياته قدّام من يتعلّم
و كأنّه لصفائه و سنائه***بحر تعوم به الطّيور الحوّم
هشّت لك الدّنيا فما لك واجما ؟***و تبسّمت فعلام لا تتبسّم
إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى***هيهات يرجعه إليك تندّم
أو كنت تشفق من حلول مصيبة***هيهات يمنع أن تحلّ تجهّم
أو كنت جاوزت الشّباب فلا تقل***شاخ الزّمان فإنّه لا يهرم
أنظر فما تطلّ من الثّرى***صور تكاد لحسنها تتكلّم
ما بين أشجار كأنّ غصونها***أيد تصفّق تارة و تسلّم
و عيون ماء دافقات في الثّرى ***تشفي السقيم كأنّما هي زمزم
و مسارح فقتن النسيم جمالها ***فسرى يدندن تارة و يهمهم
فكأنّه صبّ بباب حبيبة ***متوسّل ، مستعطف ، مسترحم
و الجدول الجذلان يضحك لاهيا ***و النرجس الولهان مغف يحلم
و على الصعيد ملاءه من سندس ***و على الهضاب لكلّ حسن ميسم
فهنا مكان بالأريج معطّر ***و هناك طود بالشّعاع مهمّم
صور و أيات تفيض بشاشة ***حتّى كأنّ الله فيها يبسم
فامش بعقلك فوقها متفهّما ***إنّ الملاحة ملك من يتفهّم
أتزور روحك جنّة فتفوقها ***كيما تزورك بالظنون جهنّم ؟
و ترى الحقيقة هيكلا متجسّدا ***فتعافها لوساوس تتوهّم
يا من يحنّ إلى غد في يومه ***قد بعت ما تدري بما لا تعلم
قم بادر اللّذّات فواتها ***ما كلّ يوم مثل هذا موسم
واشراب بسرّ حصن سرّ شبابه ***وارو أحاديث المروءة عنهم
المعرضين عن الخنا ، فإذا علا ***صوت يقول : "إلى المكارم" أقدموا
ألفاعلين الخير لا لطماعة ***في مغنم ، إنّ الجميل المغنّم
أنت الغنيّ إذا ظفرت بصاحب ***منهم و عندك للعواطف منجم
رفعوا لدينهم لواء عاليا ***و لهم لواء في العروبة معلم
إن حاز بعض النّاس سهما في العلى ***فلهم ضروب لا تعدّ و أسهم
لا فضل لي إن رحت أعلن فضلهم ***بقصائدي ، إنّ الضحى لا يكتم
لكنّني أخشى مقالة قائل ***هذا الذي يثني عليهم منهم
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم ***لا تقبح الدّنيا و فيها أنتم